سوف احضنك للأبد

كنت في ذلك اليوم بجانب جارنا الحلاق المسكين الذي ينتظر قوت يومه بما يجود به الشارع من زبائن .. حيث تعود ذلك الحلاق أن يتمتم بكلمات لا أفقهها لأنني أكون في تلك اللحظات فوق تلة بسيطة بقرب الوادي وهي على مشارف القرية ، حيث تبين تفاصيل القرية التي اقطن فيها وهي منطقة زراعية جميلة يحتضنها ذلك الجبل الشاهق حيث القوة والكبرياء والعلو في الأفق .
تعلمت من ذلك الحلاق المثابرة والجهد في سبيل الوصول إلى تلك المكانة في الثقافة ، فقد كنت أترقبه كل صباح وأدّون كل تفاصيل حياته التي تلهمني الطمأنينة والسكينة و الاستقرار النفسي ... فقد أرشدني دون أن ينطق كلمة واحدة بحب الكتاب وصفحاته المسطرة بحروف العقول النيرة التي أخطته بأناملها الضعيفة ... منها عشقت ذاك الكتاب الذي أرتبط أسمه بدمي وأنغمست حروفه في جدران قلبي ، فما من نفس يخرج من روحي ولا دقة من دقات قلبي إلا وهي ترتسم بنفحات ذلك الكتاب .
ففي الماضي كان أبناء جيلي يقرؤون أينما وجدوا ويحملون كتابا أينما ذهبوا ويتناقشون عن تلك المواضيع بنقاشات جادة ومفيدة تصحح بعض المفاهيم الراسخة في أذهان البعض ... مرت الأيام والأشهر والسنوات الخصبة وأتت سنوات العجاف عن خير جليس في الزمان فقد أشرقت شمس الانترنت التي حولت العالم إلى قرية صغيرة بكبسة زر بسيط .. و أركنت ذاك الكتاب الذي كلف الجهد المضني وحولته إلى ديكورا في المنازل والمكتبات شأنه شأن الزخارف والنقوش ، وها نحن الآن على أبواب معرض الكتاب الذي ينتظره البعض بكل شوق ولهفه ... فهل نهدف من شراء الكتاب الثقافة أم التباهي أم وضعه كمثل غيره من محتويات المنزل ومقتنياته الثمينة .

لقد كتبت هذا في عجالةوأعتذر عن عدم مشاركتي بسبب الأعمال الخاصة . تقبلوا وجودي بينكم مرة أخرى

مشكووووووووووووور أخوي جسر


بالفعل كتااااااااباتك رائع

الله يعطيك العاااااااااافية