كلمتين مرت علّي في وقت كنت مستلقي في فراش المرض ، كنت أعاني من صداع نصفي شديد جدا ، كاد أن يلقي بي في سطور فقدان الذاكرة أو الموت من شدته ، في تلك الأثناء تذكرت قصة جميلة لأحد الملوك في غابر الأزمان الذي ُقطع أصبعه بسببا ما قدره الله له .
حيث كان لأحد الملوك وزيرا حكيما وكان الملك يقربه منه في كل شي ويصطحبه معه في أي مكان ، وكان كلما أصيب الملك بمكروه وما يكدره قال له الوزير (( لعله خيرأً )) ، فيهدأ الملك بسرعة .
وفي أحد المرات قطع إصبع الملك .. وما هي إلا لحظات حتى أنطق الله الوزير الحكيم بكلمات حولت مجرى القدر إلى عبر من هاتين الكلمتين ... قال الوزير للمك ((لعله خيرا )) إن شاء الله لهذا الحدث من قطع إصبعك ، طبعا كما تعود دائما ...
ولكن تشكلت ألوان الغضب في الملك بأسوأ الألوان المعهودة وغضب الملك غضبا شديدا لم يشهده الوزير والحاشية من قبل ، وأمر بسجن الوزير مدى الحياة بتهمة السخرية من بتر الإصبع .....
مرت الأيام ودارت الدوائر ... ففي يوم ذهب الملك إلى الصيد حتى وصل إلى منطقة غنية بالصيد الوفير ، وفي برهة من الزمن ذهب الملك يتعقب فريسته فمر على قوم يعبدون صنم ، فلحقوا به وقبضوا عليه ليقدموه قربانا لصنمهم ... ولكنهم سرعان ما تركوه بعد أن أكتشفوا أن قربانهم مبتور الإصبع ، طبعا حسب المعتقدات لديهم لا يصلح من به مرض أو أذى يقدم للآلهة .
فانطلق الملك فرحا بعدما أنقذه الله وفرج همه وغمه من الذبح تحت تمثال لا ينفع ولا يضر ولا يغني ولا يسمن من جوع ، وأول ما أمر به فور وصوله القصر أن يأتوه الحراس بالوزير الذي سجنه ، واعتذر له عما بدر منه وعما صنعه معه ، وقال أنه أدراك الآن الخير في قطع الإصبع وحمد الله تعالى على هذا الخير .
ولكنه سأله وفي ذات الوقت لماذا قلت أيها الوزير عندما أمرت الحراس أن يأخذوك إلى السجن (( لعله خير)) فما الخير في ذلك ؟؟؟
فأجابه الوزير قائلا : أنه لو لم أسجن لكنت قدمت قربانا لذلك الصنم بدلا منك أيها الملك ، فكان في ذلك صنع الله كل الخير لنا .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم (( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له )) صدق رسولنا الكريم .
نعم بالفعل أيقنت كل اليقين من ذلك المرض الذي أبتليت به فكان خيرا لي بإذن الله تعالى ... نعم أخي القارئ من تمعن في تلك القصة يجد العبر والعظة ومفاهيم جليلة يجب أن ندرك معناها (عَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ) صدق الله العظيم .